فصل: الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي مِقْدَارِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الثَّالِثُ: فِي أَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ:

ثُمَّ الْبَحْثُ عَنْ مِقْدَارِهِ وَصِفَتِهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ:

.الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي مِقْدَارِهِ:

وَفِي الْكِتَابِ: مَا اشْتُرِطَ أَخْذُهُ فِي إِبَّانِهِ فَانْقَطَعَ إِبَّانُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ بِتَأْخِيرِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى جَوَازِ أَخْذِ بَقِيَّةِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ ضَرَرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ طَلَبَ التَّأْخِيرَ مِنْهُمَا فَذَلِكَ لَهُ نَظَرًا لِلْمُدْرَكَيْنِ فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ جَازَ قَالَ سَنَد: إِن لم يقْض مِنَ الْمَبِيعِ شَيْئًا جَازَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْفَسْخِ لِأَنَّهُ إِقَالَة وَإِن اتفقَا على التَّأْخِير حَاز عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَعَلُّقِ الضَّرَرِ بِهِمَا وَامْتَنَعَ عِنْد أَشهب كَأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَوْلَانِ: أَحدهمَا: يقدم من طلب المحاسبة لِأَنَّهُ نفي لِلضَّرَرِ وَثَانِيهَا: طَالَبُ التَّأْخِيرِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ الْعَقْدِ حَتَّى يُوفِيَ بِهِ فَإِنْ قَبَضَ الْبَعْض فَالْمَشْهُور: عدم الْفَسْخ فِي الْبَاقِي تَوْفِيَة بِالْعقدِ قَالَه (ش) و (ح) وَيُفْسَخُ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْبَاقِي لِأَن العقد يتَنَاوَل ثَمَرَة عَام بَيْعه فَتَعَذُّرُهُ يُوجِبُ الْفَسْخَ كَالْعَقْدِ عَلَى الصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَخْتَصُّ خِيَارُ الْفَسْخِ بِالْمُشْتَرِي وَقَالَهُ مَالك (ش) و (ح) لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمُثْمَنِ الَّذِي هُوَ مَقْصِدُ الْعَقْدِ وَالثَّمَنُ إِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ وَقَالَ أصبغ: تكلفهما الْمُحَاسَبَةُ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى التَّأْخِيرِ لِشُمُولِ الضَّرَرِ لَهُمَا وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّرَاضِي عَلَى الْفَسْخِ شَيْئًا فَهَلْ يَجُوزُ فِي الْبَعْضِ؟ وَهُوَ الَّذِي حَكَى فِيهِ الْخِلَافَ فِي الْكِتَابِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَسْخِ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْقِيمَةِ مَا شَاءَ غَيْرَ الطَّعَامِ مَنَعَهُ أَشْهَبُ وَكَرِهَهُ ابْنُ وَهْبٍ لِأَنَّهُ طَعَامٌ نَقْدًا مِنْ طَعَامٍ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِوُقُوعِ الْفَسْخِ فَيَبْطُلُ الطَّعَامُ الْأَوَّلُ وَعَنِ ابْنِ الْكَاتِبِ: إِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ إِذا حكم بِالْفَسْخِ وَأشْهد عَلَيْهِ بالحكم بتحقق الْإِبْطَالُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: يَكْفِي الْحُكْمُ دُونَ الْإِشْهَادِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الفُتيا عَلَيْهِ فَأَمَّا السَّلَمُ فِي حَائِطٍ مُعَيَّنٍ يَنْقَطِعُ ثَمَرُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثّمن وَيمْنَع التَّأْخِيرُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي هَذَا كَذَهَابِ بَعْضِ الصُّبْرَةِ وَلِقُوَّةِ شِبْهِهِ بِالْعُرُوضِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْأَوَّلُ فِي الذِّمَّةِ جَزْمًا إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي خُرُوجِ الْإِبَّانِ وَإِذَا فَاتَ بَعْضُ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ: فَفِي الْكِتَابِ: يُرْجَعُ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمَبِيعِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: ذَلِكَ إِذَا اشْتَرَطَ أَخْذَ الْمَبِيعِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَمَّا فِي أَيَّامٍ تَخْتَلِفُ فِيهَا الْقِيَمُ: فَالْحِسَابُ بِالْقِيمَةِ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَا خَصَّهُ فِي سِلْعَةٍ تَتَأَخَّرُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ بَلْ فِي سِلْعَةٍ مُعجلَة فَإِن تَأَخَّرت لمَنْفَعَة من إِشْهَاد أَو اسْتِخْدَام أجَازه الباحي بِغَيْر شَرط إِن شَرَطَ حَبْسَهَا لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ: فَفِي الْكِتَابِ: لَا يُعْجِبُنِي وَلَا أَفْسَخُهُ لِأَنَّ المعيَّن لَيْسَ بِدَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَعْجِيلُهُ كَالْخَادِمِ فِيهَا العُهدة وَالْبيع بِالْخِيَارِ قبل جذاذها وَسُكْنَى الدَّارِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِشِبْهِهِ بِالدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الذِّمَمِ دُونَ الْأَعْيَانِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: إِذَا خَرَجَ إِبَّانُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا فَسِتَّةُ أَقْوَالٍ: يَتَأَخَّرُ لِإِبَّانٍ ثانٍ لَهُ أَخْذُ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ الْآنَ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ: يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي التَّأْخِيرِ دُونَ الْبَائِعِ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ قَبْضِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِقَابِلٍ وَإِلَّا فَالْمُحَاسَبَةُ الْآنَ لِمَالِكٍ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَقَلِّ مُغْتَفَرٌ وَتَتَغَيَّرُ الْمُحَاسَبَةُ الْآنَ لِأَشْهَبَ وَالْمُحَاسَبَةُ الْآنَ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى التَّأْخِيرِ لِأَصْبَغَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَصَحُّ إِذَا ذَهَبَتِ الثِّمَارُ بِالْجَوَائِحِ السَّمَاوِيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِرَدِّ الْبَائِعِ حَتَّى خَرَجَ الْإِبَّانُ كَانَ لِلطَّالِبِ الْخِيَارُ فِي التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ لِهَرَبِ الْمُشْتَرِي خُيِّرَ الْبَائِعُ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ التَّمْرَ أَوِ الرُّطَبَ إِلَى الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ إِذَا خَشِيَ فَسَادَهُ قَالَ: وَإِذَا أَخْذَ وَرِقًا فِيمَا بَقِيَ وَرَأْسُ الْمَالِ ذَهَبٌ جَازَ إِنْ كَانَ الذَّهَابُ بِالْجَوَائِحِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ عَلَى الصَّرْفِ المتسأخر وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُهُ إِذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِخُرُوجِ الْإِبَّانِ وَكَذَلِكَ أَخْذُ الطَّعَامِ فِي الطَّعَامِ وَأَمَّا السَّلَمُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَيَتَعَذَّرُ الْأَخْذُ وَالْقِرْيَةُ يَنْفَسِخُ اتِّفَاقًا كَالصُّبْرَةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: فِي الْقِرْيَةِ وَالصُّبْرَةِ قَوْلَانِ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَإِلْحَاقُهَا بِالْمَضْمُونِ فِي الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ لِحُصُولِ الشَّبَهَيْنِ فِيهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَجَازَ فِي الْكِتَابِ: أَخْذَ نَوْعٍ مِنَ الْحُبُوبِ بَدَلًا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ لِأَنَّهَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ لَحَمُ الْبَقَرِ فِي الضَّأْنِ فِي يَوْمِ أَجْلِهِ وَلَا يعجل فِي ذَلِك الْيَوْم اكثر مَا لَهُ لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعًا لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ وَزَادَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَام قبل قَبضه أَو دنى وَعَرْضًا امْتَنَعَ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُ طَيْرِ الْمَاءِ فِي الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلِّحْمِ وَهُمَا لِلتَّرْبِيَةِ فَهُوَ بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ وَيمْتَنع أَخذ الْعَصَافِيرَ الْمَذْبُوحَةَ فِي الْحَيَّةِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ أَخْذُ الْقَمِيصَيْنِ فِي الرَّايِطَةِ وُجِدَتِ الرَّايِطَةُ أَمْ لَا لِأَنَّ الرَّايِطَةَ لَيست طَعَاما وَلَا رَبًّا بَينهمَا وَبَين القميصين فَائِدَة: قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات: الرابطة مِثْلَ الْمُلَاءَةِ وَالْمِلْحَفَةِ إِذَا لَمْ تُلْبَسْ وَالْمَعْرُوفُ فِي الْعَرَبيَّة: ريْطة فِي.الْبَحْثُ الثَّانِي: فِي الصِّفَةِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا دَفَعَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَجْوَدَ وَجَبَ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ حُسن قَضَاءٍ أَوْ أَدْنَى جَازَ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ حسن اقْتِضَاء لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لِقُصُورِهِ عَنِ الْحَقِّ وَيَجُوزُ أَخْذُ الذَّهَبِ الْأَسْوَدِ عَنِ الْأَبْيَضِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا وَجَدَهُ مَعِيبًا رَجَعَ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضِ الْمَبِيعَ فَإِنِ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ بِهِبَةٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَعِيبًا وَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مَعِيبٍ وَيَرْجِعُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْعَيْبِ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِي الصِّفَةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ لَمْ يَقْبِضْهُ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ رَدِّ الْقِيمَةِ وَالرُّجُوعِ بِالْمِثْلِ أَوْ يَنْتَقِصَ مِنَ السَّلَمِ قَدْرَ الْعَيْبِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: لَا تَأْخُذُ دَقِيقَ الْحِنْطَةِ فِي الْحِنْطَةِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِخِلَافِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَعَنْ مَالِكٍ: الْجَوَازُ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ وَحَيْثُ أَجَزْنَا فِي الْقَرْضِ فَيَخْتَلِفُ هَلْ يَجُوزُ بِالْوَزْنِ أَوِ الْكَيْلِ؟ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وتمتنع زِيَادَة كيل الدَّقِيق على الْقَمْح لَيْلًا يَكُونَ مُبَايَعَةً لَا مُبَادَلَةً وَهَلْ يَنْقُصُ؟ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَجْوَدَ وَيَجُوزُ مِثْلُ كَيْلِهِ أَجْوَدَ وَأَرْدَأَ.

.الْبَحْثُ الثَّالِثُ: فِي زَمَانِهِ:

وَفِي الْكِتَابِ: لَا يجْبر على القَوْل فِي الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ لَكَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لَهُمَا بِخِلَافِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْمُقْتَرِضِ فَلَهُ إِسْقَاطُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَلْزَمُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ قَبُولَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَعَدَمِ تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي كِبَاشٍ لِيَأْخُذَهَا فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ فَأَتَاهُ بَعْدَ الْأَضْحَى: قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا وَكَذَلِكَ فِي قَطَائِفِ الشِّتَاءِ فَأَتَى بِهَا فِي الصَّيْفِ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا تَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي أَسْلَمَ لِأَجْلِهَا وَوَافَقَهُ فِي الْكِرَاءِ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَتَاهُ بَعْدَ إِبَّانِ الْحَجِّ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ (ش): كُلُّ شَيْءٍ أَتَى بِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ مِنَ النُّحَاسِ وَالتِّبْرِ وَالْعَرْضِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهِ لِإِفْضَائِهِ إِلَى بَرَاءَةِ الذِّمَمِ بِخِلَافِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ لِأَنَّهُمَا تَخْتَصُّ مَنَافِعُهُمَا بِبَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْعَلَفِ وَكُلُّ مَا فَاتَ مَوْسِمُهُ وَمَا قُصِدَ الشِّرَاءُ لِأَجْلِهِ كَالضَّحَايَا وَنَحْوِهَا لِفَوَاتِ الْفَائِدَةِ.

.الْبَحْثُ الرَّابِعُ: فِي مَكَانِهِ:

وَفِي الْكِتَابِ: لَا بُدَّ مِنَ اشْتِرَاطِ مَكَانِ الْقَبْضِ وَلَا يَكْفِي ذِكْرُ مِصْرَ لِأَنَّهُ اسْمٌ لجُملة الْإِقْلِيمِ وَيَكْفِي الْفُسْطَاطُ فَإِنْ تَشَاحَّا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ...... إِنْ عَلِمَ وَلَا يَخْفَى الْبَائِعُ فِي الْفسْطَاط قَالَ أَو الطَّاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمَوْضِعِ بَلْ تَكْفِي الْعَادَةُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فَحَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ أَوْ قُبِضَ رَأْسُ الْمَالِ لِاسْتِلْزَامِ السَّبَبِ الْمُسَبِّبَ وَإِنْ شَرَطَ بَلَدًا فَبِأَيِّ مَوْضِعٍ؟ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: سُوقُ السِّلْعَةِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا أَيُّ مَوْضِعٍ مِنَ الْبَلَدِ لِعَدَمِ التَّخْصِيصِ وَإِنْ كَانَتْ عَادَةً تَعَيَّنَتْ وَإِنِ اخْتَلَفَ السِّعْرُ فِي نَوَاحِي الْبَلَدِ تَعَيَّنَ ذِكْرُ مَوْضِعٍ مِنْهُ فَإِن اخْتلفَا فِي أَي مَوضِع اشْترطَا صُدِّقَ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَاهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِعَدَمِ رُجْحَانِ أَحَدِهِمَا وَإِنِ ادَّعَيَاهُ قُدم الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَقْصِدِ وَالثَّمَنُ وَسِيلَةٌ وَقَدَّمَ سَحْنُونٌ الْمُشْتَرِيَ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحق وَقيل: يَتَحَالَفَانِ ويفاسخان لِتَسَاوِيهِمَا وَإِنْ طَلَبَ الْقَبْضَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ وَدَفَعَ ثَمَنَ الْحِمْلِ وَالْمَبِيعُ طَعَامٌ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ مَال كَالْمُعَجَّلِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِزِيَادَةٍ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَ الْحِمْلِ وَاخْتَلَفَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ: ضَعْ وتعجَّل إِنْ كَانَ سِعْرُ هَذَا الْبَلَدِ أَنْقَصَ أَوْ حُط عني الضَّمَان وَأَزِيدك إِن كَانَ أعلى فَإِنِ اتَّفَقَ السِّعْرَانِ فَقَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى أُجْرَةِ الْحِمْلِ وَتَسَاوِي السِّعْرِ قَالَ سَنَدٌ: لَا يَجِبُ عندنَا ذكر وضع التَّسْلِيمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ بِمَفَازَةٍ لَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ فِيهَا فَيَجِبُ اشْتِرَاطُهُ وَإِلَّا فَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي مَوْضِعَ التَّعَاقُدِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَزَاد: إِن شرطا غير موضح الْعَقْدِ بَطَلَ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَاهُ وَقَالَ (ش): إِنْ كَانَ يُحَمِّلُهُ مُؤْنَةً وَجَبَ وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّةُ بِغَيْرِ مَوْضِعِ السُّوقِ بَلْ يَكْفِي مَوْضِعٌ مِنَ الْبَلَدِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلسِّلْعَةِ سُوقٌ فَبَيْتُ الْمُشْتَرِي قِيَاسًا عَلَى الْكِرَاءِ وَهُوَ الْعَادَةُ الْيَوْمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَسْلَمَ حَضَرِيٌّ لِقَرَوِيٍّ فَالْقَرْيَةُ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ الْيَوْمَ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ غَيْرُهَا قَالَ سَنَدٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي أَوْ أَجِيرِي فِي حَمْلِهِ فَإِذَا بَلَغْتَ الْبَلَد فاقبضه لنَفسك امْتنع سداً لذريعة وَأَنْتِ وَكِيلِي فِي قَبْضِهِ لِوَكِيلِي يَجُوزُ وَمَتَى وَقَعَ الْمَمْنُوعُ فَسَخَ وَرَدَّ الطَّعَامَ إِلَى مَوْضِعِهِ وَطَالَبَ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ فَاتَ فَعَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ سَبَبُ الضَّمَانِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِد وَالْغَصْب وَإِذا انْفَسَخ صَحَّ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ الطَّعَامَ مِمَّا لَهُ فِي بَلَدِ السَّلَمِ وَإِلَّا فَلَا.

.الباب الثَّانِي فِي الْقَرْض:

فِي الصِّحَاحِ: الْقَرْضُ: التَّقْطِيعُ: قرضتُ الشَّيْءَ أقرِضه بِكَسْرِ الرَّاءِ فِي الثَّانِي وَالْقَرْضُ: السَّلَفُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقِيلَ: بِكَسْرِهَا كَأَنَّ الْإِنْسَانَ يَقْطَعُ قِطْعَةً من مَاله للمستسلف وَالْقَرْضُ: مَا تَقَدَّمَ لَكَ مِنْ إِحْسَانٍ وَالْقَرْضُ: الشِّعْرُ وَالْقَرِيضُ أَيْضًا وَالْقَرْطَةُ وَالْقَرْضَةُ: التَّرْكُ قرضتُّ الشَّيْءَ عَنْ شَيْءٍ إِذَا تَرَكْتَهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشمَال} وَأَصْلُهُ: قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فَالْأَمْرُ بِالْمُكَاتَبَةِ دَلِيلُ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَفِي الصِّحَاحِ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استَسلف مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا فقدِمت عَلَيْهِ إِبِلُ الصَّدَقَةِ فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلُ بَكْرَهُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًّا فَقَالَ: «أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنْ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً».
سُؤَالٌ:
إِن كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَالزَّكَاةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ أَوْ لِلْمُسْلِمِينَ بِطْرِيقِ نَظَرِ الْإِمَامَةِ فَكَيْفَ يَقْضِي عَنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِمْ؟ جَوَابُهُ: قَالَ سَنَدٌ: الْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ مَالُ الْجِزْيَةِ كَانَتْ تُسَمَّى صَدَقَةً مِنَ الله تَعَالَى على هَذِه الْأمة وَهِي حَلَال لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: كَانَ الْقَرْضُ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ إِنْ قُلْنَا: يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ فَيُقْرِضُهَا رَبُّهَا ثُمَّ يَهْلِكُ مَالُهُ وَتَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ وَإِنْ قُلْنَا: يمْتَنع التَّعْجِيل: فَقيل: اقْترض لنَفسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَائِدَةٌ: قَالَ: الْبَكْرُ: الدَّنِيءُ وَالْخِيَارُ الْمُخْتَارُ وَالرَّبَاعُ من الْخَيل وَالْإِبِل مَا ألْقى رباعيته ثُمَّ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَمَحَلِّهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَبْحَاثٍ: